
(الصلات الطيبة)
ذات صباح شتوي ماطر استقبلني سيادة العميد م ياسر المدير الاداري لمركز العلاج الطبيعي Physio-peak بالشقيقة جمهورية مصر العربية عند الباب الرئيسي للمركز مبتسماً و مردداً علي اذني( انا بحبك يا رشا) مرحباً بي وكعادة الاخوة المصرين في الاحتفاء بالاخر اردف( ايه الحلاوة يا عمي ( عبده) ) كما يحلو له مناداتي و يبدو لي انه يطلع علي كتاباتي المتواضعة علي الوسائط المتعددة وطالما ان هناك غير السودانين الذين يتابعون وجب علي توضيح بعص الاشياء التي ربما تبدو غير واضحة لعدم المام القارئ غير السوداني بها
اولاً اهزوجة( انا بحبك يارشا) هي سجع الفها ورددها احد مرضي (متلازمة داون) عبر البرنامج التلفريوني الشهير (الصلات الطيبة) بتلفزيون جمهوزية السودان يعده ويقدمه الاستاذ المبدع الراحل المرحوم (محجوب عبد الحفيط) في ثمانينات القرن الماضي وحتي ١٩٩١م وهو برنامج تلفزيوني راقي المستوي قبل الانفتاح الفضائي الهائل الذي قابله انحدار فظيع علي كل المستويات.
البرنامج يهتم بالفئات من (الحالات الخاصة) المختلفة مثل الاعاقة الحركية والاعاقة الذهنية و(الصم والبكم) و(المكفوفين) وغيرهم وكان للبرنامج قاعدة جماهيرية كبيرة جداً وقدم ابداعات ومواهب رائعة اصبحت ارقام لا يمكن تجاوزها اذكر منهم الفنانتين المكفوفتبن (حنان النيل) و (امال النور) كما ساعد البرنامج كثير من الحالات في تخطي الصعاب وجعل المشاهدين يتفاعلون معهم بصورة رائعة تنم عن تكاتف المجتمع وتعاونه وتواده وتراحمه….
وعند استيلاء الاخوان المسلمين علي مقاليد الحكم في السودان حاولوا الاستفادة من القاعدة الجماهيرية الكبيرة للبرنامج التي حشدها المرحوم (محجوب عبد الحفيظ) واتجهوا بالبرنامج لاتجاهات اخري فبعد ان كان الاتجاه تذليل الصعاب وتسهيل الحياة لمن يعاني اضحي الاتجاه هو التحضير (للموت) واخر حلقة من سلسلة حلقات ( الموت) وكيفية تجهيز الميت بعد خروج الروح حتي ادخاله للقبر كان محجوب عبد الحفيظ هو( الممثل) لكل ذلك فقد تم غسله غسل الجنازة وتكفبنه بل تم وضعه داخل القبر ولم يتبقي الا ان يدفنوه ولعل اهل السودان ممن تابعوا الحلقات الاخيرة من البرنامح يعرفون انه قد تم دفنه فعلا بعد ايام من بث حلقة القبر والدفن ووضعه علي اللحد فقد انتقل حقيقةً ومحبوه بين مصدق ومكذب
إلى الرفيق الأعلى إثر حادث حركة في طريق الخرطوم – كوستي في يوم 12/9/1991 وهو في طريقه لإكمال مهمة خاصة ببرنامج الصلات الطيبة، وكان لرحيله وقعه القاسي على نفوس كل السودانيين
رحل المبدع محجوب عبد الحفيظ وترك لنا الحسرة وكثير من الاسئلة الحائرة التي من الصعوبة ان توجد لها اجابة في وطني الجريح… وكيف الاجابة في بلد اضحي جله في حاجة ماسة (للصلات الطيبة) والقيم الراقية التي طرحها ذلك البرنامج التفاعلي الاول و الذي نال كثير من الجوائز علي مستوي الدول العربية وفي ظني هو برنامج يستحق عالمية الطرح لانه تناول قضية انسانية في المقام الاول..
لم اكن مندهشاً وانا اري( غانم المفتاح) الشاب القطري في كاس العالم والذي ولد( بمتلازمة التراجع الذيلي) لاني كنت من متابعي( الصلات الطيبة)وظللت اتابع فيديوهات (غانم المفتاح) واقول لنفسي ياتري كم من (صلات طيبة) وكم من (محجوب) بذل جهداً وفكراً ومالاً كي يخرج لنا هذا الشاب الرائع (غانم المفتاح)…
رحم الله محجوب عبد الحفيظ ورحم (الصلات الطيبة) ولا ادري الي متي تموت الفكرة مع اصحابها في بلادي و تدفن مع تلك النعوش الطاهرة
ياتري كم من فئة جديدة ظهرت بعد وفاة محجوب عبد الحفيط تحتاج لصلات طيبة لكنهم اقاموا لها (صلاة الجنازة) وربطوا تلك( التاء) المفتوحة علي الدنيا كأنها تعيش ابداً
سلام
محمد طلب