هيثم مصطفى يكتب
هيثم مصطفى يكتب ✍️. :
إلى أولئك الذين سقوا هذا التراب بطاهر الدم.. من أجل أن يكون أصل شجرة هذه البلاد ثابتاً وفرعها في السماء.. الذين بنوا بأرواحهم سداً في وجه أحلام يأجوج ومأجوج الجدد، فما استطاع الأوباش المتمردين أن يظهروه وما استطاعوا له نقباً.. شهداءنا أكرم منا جميعاً.. جرحانا أشرف منا.. وأسرانا أطهر.. في معركة الكرامة الوجودية، التي استهدفت نسجنا ونسيجنا، فكان الرجال لها.. وتصدوا للمخطط اللئيم.. اللهم تقبل شهداءنا جميعا..
إلى الذين تكحل أعينهم دخان المعارك.. وتطرب آذانهم أزيز الطائرات.. ودوي المدافع.. ويتلقفون الرصاص فوقهم عصافير.. يقتحمون الموت ولا يخيفهم.. يشقون الدروب.. وفي صدورهم أن الموت حق .. وأن الجهاد سبيل الأحرار.. وأن الحق مهما تعقدت سبله فإنه في النهاية قائماً طالما أن خلفه حماة، ووراءه طالب، هؤلاء الرجال في الصفوف الأمامية، في معارك الكرامة، في ثغور هذه البلاد، وفي أزقة الموت التي يختبئ فيها الشرذمة الملاقيط يتصيدون الأرواح وينتهكون الحرمات، ولكن هيهات، في وجود رجال آمنوا بهذه البلاد، في القوات المسلحة، وجهاز الأمن الوطني، والعمل الخاص، وأبو طيرة، وكتائب البراء والمستنفرين، وكل من علق روحه على فوهة البندقية وصاح “حي على الوطن” ولم يتردد في الوصول..
في هذا الوقت الذي تبذل فيه الأرواح رخيصة فدى لهذا التراب، فإن هنالك من يعرض الوطن بضاعة على أرصفة العمالة والارتزاق، يبيعونه بلا سعر، يتعاطون أحلامهم البائسة، ويعقرون الناقة التي كانت يجتمع الناس لشربها، ولأن تبقى للجميع، ثم كان عليهم أن ينتظروا الصيحة الكبرى، وأن يسمعوا أركان الأرض تئز في آذانهم، وتلك صيحة لن تستثن خائناَ ولن تترك عميلاً ، حمل الوطن في حقائب الارتزاق وطاف بها العواصم الرخيصة، من أجل بيع بثمن بخس، فلا نجحوا، ولا باعوا، ولا ربحوا، لأن هذه الأرض يحرسها الرجال، ودونها خرط العتاد..
ستظل معركة السودانيين في وجه عربان الشتات والمرتزقة هي معركة وجودية، معركة أن يكون السودان أو لا يكون، مهما طال بها الأمد، فإنها لا تقبل القسمة على اثنين، ونتيجة لا تحتمل التعادل أو الخسارة، فكلاهما يعني نهاية السودان، لذلك فإن النصر وحده والقضاء على النبت الشيطاني وامتداداته وأذرعه وداعميه لا بد منه من أجل تعافي السودان من هذا السرطان، ولا بد من إعادة النظر في التحالفات والقوي، ومراجعة الصليح والعدو، لنقطع الأيادي التي حاولت لي أعناق بلادنا، بخناجر تقبع في خاصرتها، وتمرغ أنوفها بالتراب، فلا زايد ولا زيادة ولا ازدياد يمكن له أن ينكس رأس السودان في تراب الأوباش..
إن مرحلة عمالة “طه الدلاهة” قد انقضت، ولولا أن عصم الله السودان بجيشه الأبي، لكرر موظفو المنظمات ومرتاد والسفارات تلك التجربة، فكانت الحرب لتصفي ذهب السودان من الشوائب، ولتنكشف الرؤية لهذا الشعب، الذي تم خداعه تحت شمس الثورة، ووضعوا له السم في الدسم، ولكن من لطف الله بنا وبهذه البلاد أن انكشف كل شيء قبل فوات الأوان، وصار الأوغاد ملفوظين في العواصم لا يستقبلهم أحد، ولا ينتظر أحد عودتهم لتدنيس التراب، ولا ليعكروا صفو ماء النيل الطاهر، وعليهم أن يبقوا حيث هم، فلا مرحباً بهم معنا من جديد..
وحين نمسح على مصباح “طه الدلاهة” يخرج “علاء الدين”، ونرى إعادة تدوير نفايات العمالة، حين هرب طه إلى الخليج وفي حقائبه أسرار وحكايا، وخطط كانت نتائجها نشوب هذه الحرب، والآن نحن ننظر لعلاء الدين من بين غبار المعارك، ونراقبه، ولكن الوقت الآن ليس له، وهذا لا يعني أن يبقى بعيداً عن المسآلة، وعن مكتب البرهان، وعن علاء الدين، سنعود بهدوء لنفجر صخب العالم في وجهه، فلا يلدغ السودان من جحر العمالة مرتين يا علاء الدين..!!
إنه أوان التمايز.. فلا مكان للحياد الآن.. ولا مجال للرمادية في ظل اتضاح الألوان، فالحياد هو فكرة خبيثة، يأمل صاحبها أن يقف مع المنتصر في النهاية، ولا يهمه إن كان جيش وطن أو مليشيا لقيط غاصبة، فالمهم أن تظل مصالحه مستمرة تحت كل الظروف، لذلك فإن المحايد يظل أخطر من الغاشمين المتمردين الأوغاد.
حفظ الله السودان