غياب التنمية الإقليمية وهيمنة الإدارات الاهلية: نحو رؤية اصلاحية.

بقلم : الخبير الاقتصادي بروفسير ابراهيم اونور
نشأت فكرة الادارات الأهلية فى القارة الأفريقية، مع ظهور علم الاجتماع الذى رسخ المفاهيم العلمية لدخول الاستعمار الغربي لدول القارة الأفريقية لنهب ثرواتها البشرية والمعدنية والزراعية. ولما كانت مكونات هذه الدول عبارة عن مجتمعات بدائية متناثرة فى اصقاع متباعدة، ولا توجد روابط وطنية فى ظل مفاهيم الدولة الواحدة، فكانت الفكرة وفقا لعلم الاجتماع الذى نشأ خصيصا لذات الهدف، ان ترسم حدود لكل دولة وفقا للموارد المستهدفة فى كل دولة ويتم التحكم في مجتمعاتها عبر ادرات أهلية، يتم اختيارهم بعناية وتوجيه قياداتها الأهلية للولاء للمستعمر وخدمة اهدافه، طبعا الفكرة هنا ضمان ولاء نظار القبائل، لانه يضمن ولاء كل قبيلة لتوجيهات المستعمر بصورة غير مباشرة، وبالتالي تضمن عدم قيام اي مقاومة ضد مصالح الاستعمار.
للأسف الحكومات الوطنيةالتى جاءت بعد ذهاب المستمر، بدلا من التخلص من هذا الإرث الظلامى وبناء دولة مواطنة ترسخ الولاء للوطن ذهبت فى نفس اتجاه المستعمر واستخدمت الإدارات الأهلية لذات الأغراض وهى ترسيخ مفهوم القبلية واعطائهم صلاحيات وامتيازات خاصة، بهم لضمان ولاءهم للسلطة او النظام الحاكم الفاسد . فى السابق كان غرض المستعمر استخدام الادارات الأهلية لنهب الثروات وضمان عدم مقاومة لخطط المستمر، ولكن فى ظل الانظمة الوطنية الفاسدة أصبح الهدف ضمان الولاء للحاكم، لنهب ثروات الأقاليم للمصلحة الخاصة لأفراد النظام الحاكم.
كل ذلك اعاق التنمية والتخطيط السليم للدولة طيلة فترة ، مابعد الاستقلال والنتيجة مانراه الآن من تخلف مجتمعي وغياب تنمية حقيقية فى كل ربوع السودان بعد أكثر من نصف قرن بعد الاستقلال، الأمر الذى اصبح يهدد وجود الدولة السودانية فى الوقت الراهن.
السؤال المهم هو فى ظل الواقع المرير الحالي ما المطلوب الآن ؟
اذا كنا نريد بالفعل بناء دولة حديثة لابد من تقليص صلاحيات ودور الادارات الأهلية فى الشأن السياسي والتنموي لأقل مايمكن بهدف الوصول إلى إلغائها نهائيا، فى المستقبل القريب. ويتطلب ايضا لملئ فجوة إدارة الأقاليم بصورة علمية يتطلب تكوين مجالس إقليمية لكل اقاليم السودان تضم المهنين والمستنيرين، من أبناء كل إقليم ليكونوا الواجهة والجهة الاستشارية لدى السلطة المركزية بخصوص التنمية المجتمعية والتنموية لكل إقليم من اقاليم السودان.
والله المستعان