للعطر افتضاح
د. مزمل أبو القاسم
(أمن يا جِن) فرسان معركة الكرامة
* من الصعب علينا أن نخص قوةً من دون أخرى بمدحٍ إضافي، لتمام علمنا بحجم التضحيات الجسام التي قدمتها كل القوات النظامية في معركة كرامةٍ مهرتها الدماء، وزانتها أرواح الشهداء.
* دفع الجيش ثمن غدر المليشيات به غالياً منذ الساعة الأولى للحرب الطاحنة التي شنها عليه أوغاد آل دقلو، وقدَّم آلاف الشهداء في شتى ميادين القتال، وكان منهم خمسة وثلاثين كوكباً دُرِّياً وبدراً منيرا، قاتلوا قتال الأبطال لحراسة وحماية وتأمين قائدهم الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، واستشهدوا دونه ليفدونه بالنفوس.
* بذل أولئك الفرسان الأماجد أرواحهم رخيصةً فداءً للوطن والقائد، ودُفنوا في صمتٍ مهيب داخل أسوار القيادة العامة، بعد أن ظلت أجسادهم الطاهرة مسجاةً على الأرض عدة أيام بسبب ضراوة القتال وحصار الأنذال لمباني القيادة العامة وإحاطتهم بمنزل القائد العام، وستظل قبورهم محجَّاً ومزاراً لكل محبي الوطن، وسيتم تكريمهم بما يليق بهم وبتضحياتهم بعد أن يكتمل النصر المؤزر بحول الله، لأنهم كانوا وسيظلون تاجه ورأسه وعنوانه.
* أولئك هم شهداء الحرس الرئاسي الذين أصبحت قبورهم مزاراً لزملائهم المرابطين في القيادة العامة، يزورونها كل صباح ويترحمون عليهم ويؤدون لهم التحية العسكرية ويعاهدونهم على الثأر لهم بدحر الأوغاد.
* حصر كل الملاحم التي سطرها جيش الوطن الباسل في معركة الكرامة مستحيل، فالمدرعات مثلاً تحولت بحق إلى مقبرة للجنجويد، وظلت عصيةً عليهم ودحرت أكثر من ثمانين هجوماً، وتكسرت على جدرانها الصامدة العتيدة النصال على النصال، فلم تهتز.. بل ازدادت قوةً وصموداً ومنعة، بقيادة أسدها الهصور سعادة اللواء الركن د. نصر الدين عبد الفتاح ورفيق دربه شهيد الوطن والواجب اللواء الركن أيوب.
* وعن سلاح المهندسين (تكساس) والقيادة العامة ووادي سيدنا والإشارة (ماركوني) والذخيرة والكدرو وحطاب والعيلفون ورفاق الفارس الصنديد جودات في نيالا، وإخوان البطل درموت في بابنوسة، وبقية كواسر الجيش في كل الحاميات حدِّث ولا تتوقف، واكتب وأسهب وأطنب، فكل كلمات اللغة والحروف لن تصف فعلهم، ولن تحيط تضحياتهم ولن تحصي بطولاتهم.
* كذلك قدمت قوات الشرطة (وأبرزها أبو طيرة البفك الحيرة) أرتالاً من الشهداء الكرام وآلاف الجرحى والأسرى في شتى المعارك، بعد أن التحمت مع جيشها وقاتلت بشراسة الأبطال، لتؤكد روعة ومتانة ورسوخ الشعار الخالد (الشرطة في خدمة الشعب).
* بالمثل قدم المجاهدون والمستنفرون ملاحم لا تنسى.. ونعني به رفاق البطل مهند أب سبحة (سندالة المدرعات وعفريت الجنجويد)، ورفيق دربه الفارس هيثم الخلا وبقية الصناديد الذين حملوا أراوحهم على أكفهم وخفوا لنصرة شعبهم وجيشهم عندما دعا داعي الفداء.. لم يخونوا ولم يتأخروا، وأذاقوا الأوغاد الويل، ودرسوهم كيف يكون القتال عند الأبطال.. وكان آخر غزوهم مشاركتهم الجسورة في عملية التحام الجيشين في بقعة الإمام المهدي، قبل أن يعودوا إلى قواعدهم سالمين غانمين ويلتحموا من جديد مع أسود الدروع.
* إن نسينا لن ننسى جواسر وكواسر وفرسان وأبطال هيئة العمليات.. بصيحتهم المحببة وشعارهم البديع (أمن يا جِن)، فقد كانوا بحق جِنَّا مصرَّماً على الجنجويد.
* فرسان الهيئة كانوا وما زالوا وسيظلون صوارم بتّارة، ورجال حارة.. مع أنهم تجرعوا علقم الظلم من (ذوي القربى) عندما تم وصفهم بالمتمردين ظلماً وتسريحهم من دون أن ينالوا كامل حقوقهم، ومع ذلك تناسوا غبائنهم ولم يتأخروا عن نصرة وطنهم وحماية شعبهم وحراسة أرضهم.
* ما أن ضرب البروجي أن حيَّ على القتال حتى امتشقوا بنادقهم، ودرسوا الجنجا الملاعين كل فنون القتال.
* (أمن يا جِن).. لو كانت لمعركة الكرامة جائزةً خاصةً لحملناها على رتاج القلب أو صدر الغمامة، ولقدمناها إلى أولئك الأسود الكواسر وقائدهم.. الرجل الوطني الوفي المخلص الوقور الجسور، سعادة الفريق أحمد إبراهيم مفضّل مدير جهاز المخابرات العامة وأركان حربه، بقيادة اللواء اللبيب ورفاقه الأبرار.
* (أمن يا جِن).. ما أروعهم.. وما أنبلهم.. وما أوفاهم.. وما أشجعهم.. وما أشرسهم.. فلله درهم.