البعد الإقتصادي .. في سياسات البنك المركزي
بقلم د. عبد الله الطيب على الياس
خبير الحوكمة وإدارة المخاطر والرقابة
بصفتي أحد الخبراء المهتمين والمتابعين للشأن العام في بلادي، كنت توقع أن تكون لعودة الأستاذ حسين جنقول محافظاً للبنك المركزي، أثر كبير على مسيرة إقتصادنا المكبل بقيود ظاهرة وباطنة، وقد صدق حدثي حيث أصدر السيد المحافظ العديد من السياسات، ومن أهمها سياسة تحرير أسعار العملات الأجنبية، وسياسة الوارد، وهما سياستان فرضهما واقع الإقتصاد السياسي في بلادنا.
وجاء قرار تحرير سعر الدولار للبنوك التجارية والصرفات بعد أن أملته الضرورة القصوى ولتلافي آثارة أصدر البنك المركزي قرارا آخر جاء جميلاً ومفصلا لضبط الواردات، لكن القرار كما ذكر الخبير المصرفي الدكتور لؤي عبد المنعم “اغفل مسألة غاية في الاهمية وهي خلوه من قائمة القيود الكمية والنوعية على السلع الكمالية غير الضرورية والسلع المنافسة للإنتاج المحلي”.
أما القرار الشجاع المرتقب الذي نتوقع يكمل به البنك المركزي مجهوداته هو توحيد سعر صرف الدولار في الدولة بشكل كامل ولذلك لأنه لا يصلح أن يعلن البنك المركزي سعر للدولار بمبلغ (445.3) جنيه في حين سعره في البنوك التجارية والصرافات أكثر من (600) جنيه.
ومن المعلوم من الإقتصاد بالضرورة، ان الدول التي يمر إقتصادها بمثل ما يمر به إقتصاد بلادنا ، فانها تصدر قائمة بحظر إستيراد السلع الكمالية غير الضرورية والسلع المنافسة للإنتاج المحلي، وتتبع سياسة مرنة لتخفيف أثر الزيادة المطردة في سعر الدولار ، أمام العملة المحلية على الجمارك، وذلك بزيادة قائمة مدخلات الإنتاج المعفاة من الضرائب كُلياً، وتخفيض نسب الجمارك المفروضة على السلع الضرورة المسموح بإستيرادها، وزيادة نسب الجمارك المفروضة على السلع العادية المسموح بإستيرادها، وحظر إستيرادات السلع الكمالية غير الضرورية منعاً باتاً ومصادرتها في حالة إستيرادها بكميات تجارية.
ومما يدفع البنك المركزي، لإصدار قائمة بحظر إستيرادات السلع الكمالية غير الضرورية، هو تخفيف ضغط الشركات التي تستورد هذه السلع على الدولار الذي أصبح سعره محرراً في البلاد بشكل كامل، ولحماية المنتج المحلي وزيادة الإنتاج ورفع الإنتاجية ، يجب على البنك المركزي أن يصدر قائمة بحظر إستيراد السلع المنافسة للإنتاج المحلي، كما يجب على الدولة من حماية قرارات البنك المركزي من الإختراق الإستخباري، الذي غالباً ما يُدخل بعض المشترين للدولار بهدف الضغط على قيمة الجنيه السوداني، وإفشال سياسات بنك المركزي، وأن لا يتحججوا بقوانين التجارة العالمية التي جاءت لحماية مصالح الشركات الكبري العابرة للقارات، على حساب إقتصاديات الدول النامية التي تملك المواد الخام والسوق المستهلك لمنتجاتها المصنعة من موادنا الخام.