مقالات

تداعيات تعويم سعر الصرف فى ظل الظروف الراهنة!!! 

 

بقلم الخبير الاقتصادي بروفيسور ابراهيم اونور

 

هل هناك منطق علمي يدعوا للاحتكام الى آلية ما يسمى قوى العرض والطلب للعملات الحرة ، فى ظل الظروف الاقتصادية والسياسية الراهنة فى السودان؟

وللاجابة على السؤال سنتناول الموضوع فى البداية بصورة مختصرة من منظور النظرية الإقتصادية (وهى نظرية الرفاه الإقتصادي المعروفة welfare economic theory ) وذلك للتعرف على المحاذير التى وضعتها النظرية نفسها، عند تبني مفهوم التعويم او التحرير الكامل . للأسف الذين تبنوا هذه السياسة فى السابق كبرنامج إصلاح إقتصادي ليس لديهم فهم بخصوص الموضوع فى إطاره النظري وإنما تبنوه إنصياعأ لأرادة صندوق النقد الدولي الذى يعلم سلفا بعدم جدوى الموضوع فى بيئة إقتصادية وسياسية كبيئتنا، ولكن ربما الحوجة للتمويل كانت سيدة الموقف بغض النظر عن تداعياتها الكارثية على المجتمع والإقتصاد القومي.

اضغط هنا للإنضمام لمجموعات رام نيوز على الواتس اب

لتوضيح المفهوم، تعني حرية السوق أو تعويم سعر الصرف عدم تدخل الدولة فى تسعير أسعار العملات فى سوق البيع والشراء بل تركها لآلية السوق بإعتبار أن تسعير السوق هو الذى يؤدي إلى التسعير العادل والذى يقود إلى التخصيص الأمثل لموارد العملات الحرة المتوفرة، ولكن النظرية الإقتصادية التي طرحت الإطار النظري وأثبتت جدوى تبني حرية السوق، وضعت شروط ومتطلبات لتحقيق آلية السوق التسعير العادل لأسعار الصرف. أول هذه الشروط عدم وجود إحتكار فى البيع والشراء وذلك لإفساح المجال أمام آلية السوق للتسعير العادل. وجود محتكر حتى لو كان المحتكر مجموعة بنوك تجارية متفقة للتنسيق فيمابينها فى ظل غياب آليات رقابة للدولة أو البنك المركزي يضعف المنافسة الحرة وهى شرط أساسي لأداء السوق دوره بكفاءة ، لأن المحتكر فى النهاية سيستغل وضعه الاحتكاري لتعظيم ارباحه من خلال عمليات بيع وشراء صورية فيما بينهم. فى ظل الضعف الرقابي وآليات المتابعة للبنك المركزي هناك فرصة كبيرة حاليا ان تستفيد البنوك من سياسة التعويم لتحقيق أرباح طائلة، من عمليات البيع والشراء للعملات الحرة وذلك من خلال رفع اسعار العملات الحرة بزعم انها اسعار قوى العرض والطلب اليومية، بالمناسبة ما يسمى تجار سوق العملات فى السابق هم البنوك انفسهم حيث يستخدمون افراد من تجار العملات الأجنبية للبيع والشراء نيابة عنهم. الآن بعد قرار بنك السودان الأخير الذي أعطاءهم حق حصري فى البيع والشراء للعملات اتوقع ان تكون استراتجيتهم كالاتي. اولا لتجنب المنافسة فيما بينهم سوف تؤسس البنوك فيما بينها مايعرف باحتكار القلة (oligopolistic power) للتنسيق فيما بينهم فى تحديد سعر البيع والشراء اليومي والذى بموجبه ستزيد سعر البيع بصورة مستمرة حتى تحقق أرباح مضمونة. ولكن عند ارتفاع سعر الدولار لمستوى قياسي بعد فترة سيتدخل بنك السودان لإيقاف سياسة التحرير والرجوع لسياسة التحكم من جديد الأمر الذى سيزيد الوضع اكثر سوء نتيجة لظهور السوق الاسود مرة أخرى، ولكن بعد تدهور قيمة الجنيه لمستوى متدني وفقدانها قوتها الشرائية.

فى راى بدلا عن سياسة التعويم التى ستفشل حتما كان الأفضل استمرار البنك المركزي فى سياسة التحرير المرن المدار من خلال استهداف تثبيت الفجوة بين السعر الحر الرسمي وسعر السوق الأسود وفى نفس الوقت بناء احتياطي نقد أجنبي للبنك المركزي بتخصيص جزء من ايرادات الذهب عن طريق الشراء اليومي للذهب بالسعر العالمي، وطرح أدوات نقدية لامتصاص زيادة الكتلة النقدية نتيجة لشراء الذهب اليومى.

 

الله المستعان

اضغط هنا للإنضمام لمجموعات رام نيوز على الواتس اب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى