سمية سيد
ثم ماذا بعد الأسبوعين
حسناً فعلت لجنة نظارات البجا والعموديات المستقلة بتعليق الإضراب وإغلاق الموانئ المعلن عنه ليوم أمس السبت وإمهال الحكومة اسبوعين ، وذلك استجابة لطلب نائب رئيس المجلس السيادي الفريق محمد حمدان دقلو.
إذا تعاملت السلطة المركزية في الخرطوم مع قضية الشرق بالجدية الكافية فأعتقد أن مدة الأسبوع كافية جداً للدخول في حوار لنزع فتيل الأزمة.
نظارات البجا وبحسب تصريح قياداتها تعتقد أن الحكومة تقوم بعمليات تسويف للقضية كسباً للوقت. وهذه طبعاً حقيقة واضحة. لأن فترة شهر كانت كافية ليس لمعالجة كل المشاكل والمطلوبات لكن على الأقل عقد اجتماعات مشتركة لترتيب مباحثات بين الطرفين، وتحديد تاريخ وأجندة للحوار.
خلال مهلة (حميدتي) من الممكن أن تحدث اختراقات في هذا الملف الشائك بالنسبة للحكومة. وغير المعقد لدى المحللين وأصحاب الرأي، طالما أن أهل المطالب لا يحملون السلاح.
نعم لا توجد تعقيدات كبيرة ولا مطالب تعجيزية في قضية شرق السودان. وكان من الممكن إيجاد مخرج آمن للمشكلة بعيداً عن التصعيد الذي يخلق الضرر لكل البلاد وليس لأهل الشرق وحدهم. طبعاً هذا إذا كانت حكومة الخرطوم راغبة وجادة في الحل. وأيضاً إذا لم تكن هنالك جهات وأفراد لهم مصلحة حقيقية في استمرار الأزمة.
لا شك عندي أن نافذين قد يرغبون في طول أمد إغلاق الشرق لجهة خلق أزمات وصعوبة نقل السلع والبضائع من ميناء بورتسودان إلى الخرطوم وبقية الولايات. مما يخلق نوعا من الندرة والشح خاصة في السلع الأساسية.
هم تجار وأغنياء الأزمات السياسية. ولا مثيل لهم إلا أغنياء الحروب، وكما رفعت الحرب والإبادة في دارفور كثير من الأفراد إلى مصاف الأغنياء، فإن أزمة الشرق وإغلاق الموانئ والطرق القومية المرة السابقة حولت بعض التجار إلى رأسماليين وأغنياء وذلك جراء صعوبة دخول دقيق الخبز، والمحروقات والأدوية والسكر، وغيرها من السلع الاستهلاكية التي تمس معاش الناس في مقابل شح السلع في الأسواق ارتفعت الأسعار بشكل غير مسبوق. فمثلاً وصل جوال السكر زنة ٥٠ كيلو إلى أكثر من ٤٠ ألف جنيه، لكن كانت المفاجأة الانهيار المريع في الأسعار في اليوم التالي لقرارات ٢٥ أكتوبر التي أعلنها القائد العام بحل الحكومة.
ولأن تجار الأزمة وأغنياء الحرب كانوا يدركون أن حل الحكومة هو أولى خطوات بوادر حل أزمة الشرق سارعوا للتخلص من ما لديهم من كميات كبيرة من السكر في المخازن.. دخلت عدة بطاحات عصر يوم ٢٦ أكتوبر تحمل آلاف جوالات السكر إلى سوق أمدرمان تعرض ٣٥ ألف للجوال. ولم يشترِ أحد. ثم نزل في اليوم الذي يليه إلى ٢٢ ألف. وتواصل انخفاض السعر إلى ١٧ ألف جنيه.
الآن ومع إعلان التصعيد عادت أسعار السكر وغيرها من السلع إلى الارتفاع مجدداً.
لطالما طالبنا من هذا المنبر بحل قضية شرق السودان دون إحداث أضرار بالمواطنين، لكن يبدو أن هناك من يستغل قضية عادلة لأهداف ذاتية. وهو ما يجعل الحل مستعصياً.
علينا أن نشجع مبادرة حل الأزمة التي لاحت الآن مع تعليق التصعيد الذي أعلنته نظارات البجا وأن تستجيب الحكومة لمطالب إلغاء مسار الشرق وتكوين منبر تفاوضي جديد لا يستثني أي كيان أو جهة لها تمثيل في شرق السودان.
على الحكومة أن ترفع من صوت العقل وتهتم بقضايا الناس فيما تبقى لها من أشهر معدودات. بدلاً من تعميق الأزمات.