مقالات

بروف السر و ذكرى جيم

 

أوتاد – أحمد الفكي

بعد خيبة الأمل التي حققها منتخبنا القومي لكرة القدم اثناء مشاركته في نهائيات بطولة كأس العرب فيفا قطر 2021 وهي البطولة الإستثنائية بكل ما في الكلمة من معنى ، من عدة نواحي بدءً من إعتراف الفيفا بها ، و التجربة الفعلية و العملية الناجحة إستعداداً لنهائيات كأس العالم 2022 لأول مرة في دولة عربية ، كما كان لوحدة الدول العربية وفق نشيد وطني واحد مُجَمَّع من مقاطع الأناشيد الوطنية للدول الستة عشر المشاركة تم ترديده في أمسية الإفتتاح ، كما يقف الحافز المادي الدولاري الكبير لصاحب المركز الأول خمسة مليون و ثلاثة مليون للوصيف و مليونان لصاحب المركز الثالث و مليون و نصف المليون للرابع و مليون لكل منتخب تخطَّى الدور الأول، أما الثمانية منتخبات التي غادرت من المجموعات فنصيب كل منتخب سبعمائة و خمسون ألف دولار وهذا ما خرج به منتخبنا بعد أن طبع صورة سيئة لمستوى كرة القدم السودانية من خلال ثلاث هزائم متتالية و اهتزاز شباكه عشرة مرات و بحصيلة صفر من الأهداف التي لم يحرزها في شباك المنتخبات الثلاثة الجزائر، مصر و لبنان .
لقد كتب في صفحته عبر الفيس بوك ، التربوي و العالم النفساني البروف السر أحمد سليمان الأستاذ بجامعة حائل، الذي سبق أن أهدى إليَّ من مؤلفاته ( المدخل إلى علم النفس ، الأبعاد النفسية لتعبيرات الوجه الواردة في القرآن الكريم ، مقدمة في علم نفس النمو ، المدخل إلى الصحة النفسية ) حيث كتب مقالاً جميلاً و مفيداً للغاية تحت عنوان : ( النظام التعليمي والمنتخب . )
فتذكرت وقتها عام 2016 أكبر حدث رياضي عربي للأطفال بمساهمة تلفزيون جيم الذي يأخذ على عاتقه الاهتمام بالطفل العربي وتنمية مواهبه ومهاراته في كافة المجالات ونظراً لشغف الكبار والصغار بلعبة كرة القدم فإن تلفزيون جيم قد نظّم بطولة كأس جيم لكرة القدم في نسختها الثالثة بين طلاب المدارس في الوطن العربي، لدعم أواصر الصلة بين الطلاب العرب وتعزيز الاهتمام بالرياضة بشكل عام وبلعبة كرة القدم بشكل خاص وتتراوح الفئات العمرية للطلاب العرب الذين شاركوا في بطولة كأس جيم ما بين 11 إلى 13 سنة وقد فاز بها أطفالنا في المباراة النهائية أمام أطفال جزر القمر .
مقال البروف السر أحمد سليمان حوى نقاط ذات أهمية قصوى لعودة منتخبنا لسيرته الأولى التي عِرف بها إفريقياً و عربياً وفق مرتكز النظام التعليمي والمنتخب فمن ضمن ما جاء في مقاله :
( أصبحت نتائج مباريات فرق الأندية والمنتخبات في كرة القدم تؤثر على قطاع كبير من المجتمعات، وخاصة الفئات الشبابية، وذلك لأنّهم يتابعون المنافسات الرياضية بشغف كبير جدا، والدليل على ذلك ارتفاع معدلات المشاهدة خلف الشاشات والوسائط أو مكابدة الحضور للملاعب للمشاهدات المباشرة.
ولذلك فإنّ نتائج المباريات تؤثر على حالاتهم النفسية، وخاصة نتائج المنتخبات، لأنّ تشجيعهم للمنتخبات يتماهى مع الانتماء للوطن والولاء والحب للمجتمع الذي يتشكل منّه المنتخب، وكلما زادت درجة التشجيع للمنتخب كلما كانت الاستجابة لتأثير النتائج كبيرة على الجوانب النفسية للمشجعين، فعندما تحقق المنتخبات نتائج طيبة أو تؤدي أداء مقبولاً، يصبح المشجعون أكثر فاعلية وحيوية ولكن عندما تفشل منتخباتهم في تحقيق نتائج جيدة، أو عندما يكون أداؤها أدنى مما هو متوقع منها تسوء الصحة النفسية وتنتشر حالات الإحباط لدى قطاع كبير من متابعي المنتخبات ومشجعيها، والإحباط يتسم بمجموعة من المشاعر المؤلمة، كالإحساس بالضيق والتوتر والغضب والعجز والدونية.
ونظرا لأهمية الفئات الشبابية في المجتمع ومن أجل المحافظة على صحتهم النفسية، فإنّه من الضروري التعامل مع موضوع المنتخبات تعاملا قومياً مسؤولاً، وذلك على مستوى الإعداد الجيد والاختيار الموضوعي للفريق المشارك باسم البلاد، والذي يعزف له النشيد الوطني ويرفع له علم البلاد في المحافل التنافسية.
وفي رأيي المتواضع كمتابع ومهتم بالتعليم والصحة النفسية للشباب فإنّ الحصول على المنتخب الذي يمكن أن يسعد مشجعيه بنتائجه، والذي لا يؤدي لنشر الإحباط من خلال الأداء أو النتائج السيئة يفترض أن يتوفر له عاملان هما:
أولا: النظام التعليمي المنتج للمواهب في مجال الرياضة.
وثانيا: الإدارة التي تستوفي مطلوبات الجودة الشاملة في كافة مؤسسات الرياضة ويقع عليها اختيار المنتخب وإعداده للمحافل التنافسية.
وسوف أركز على العامل المتعلق بالنظام التعليمي المنتج للمواهب في مجال الرياضة .
من الملاحظ أنّ النظام التعليمي الحالي لدينا عبر مراحله المختلفة – من مرحلة رياض الأطفال إلى المرحلة الجامعية- يتعامل مع موضوع الرياضة والتربية البدنية تعاملا هامشياً، فالرياضة ضمن المنهج التعليمي تعتبر نشاطا من الأنشطة المختلفة التي لا تجد نصيبها في التقويم التعليمي الرسمي، ولا يكون للأداء الرياضي أيا كان مستواه حظاً في النتائج الدراسية التي يعبر بها الطلبة المراحل المختلفة، مثل أهمية المواد التعليمية الأخرى كالرياضيات أو اللغات أو العلوم الطبيعية والإنسانية، وبالتالي ومن أجل أن يحصل التلميذ والطالب على معدلات دراسية مرتفعة في تلك المواد عليه أن يتخلى عن كثير من الأنشطة التي تضيع وقته وتعيقه عن التحصيل في المواد الدراسية، وبناء على ذلك يتم اهمال النشاط الرياضي، ويتم إهمال التربية البدنية في النظام التعليمي والذي يفترض أن يلتحق به كل الأطفال بصورة إلزامية. ونتيجة لذلك يصبح الإعداد الرياضي يتم خارج التعليم النظامي، فيكون الرياضيون من خارج المنظمة التعليمية وبالأحرى يكونوا من الفاقد التربوي.
ولذلك أوصي بأن يتم إعداد برنامج تعليمي ومنهج خاص بالرياضة والتربية البدنية عبر المراحل التعليمية المختلفة، وأن يتم اعتماد نتائج مقررات الرياضة والتربية البدنية في الشهادات التعليمية للمراحل المختلفة، كمطلوبات للتقويم التربوي، لكي نضمن الاهتمام بالتعليم الرياضي وتنمية المهارات الرياضية لدى الجميع، ونستطيع أن نكتشف الموهوبين رياضيا عبر أقاليم الوطن كلها من خلال منسوبي النظام التعليمي الشامل في كل البلاد منذ وقت مبكر، ونختار منهم من نختاره ونلحقه بالمدارس الرياضية المتخصصة، وننتقي منهم بعد ذلك المنتخب الذي يرفع علم البلاد ويعزف له النشيد الوطني ويحقق النتائج التي لا تؤدي للإحباط لدى الشباب والمتابعين.
ولذلك أقول إنّ إصلاح المنتخب يكمن في إصلاح التعليم والإدارة .)
*آخر الأوتاد :
ما سطره البروف السر أحمد سليمان و اختصره في وصيته الخاصة بإصلاح المنتخب يكمن في إصلاح البيئة التعليمية و الإدارية وخير مثال مشاهد و مرئي كان قد شوهد في تمثيل مدرسة محمد عبد الله موسى في مدينة مدني التي فازت ببطولة جيم عام 2016 و لكن للأسف منذ ذلك العام لم نشاهد تنظيم بطولة قومية من وزارة التربية و التعليم السودانية مثل بطولة جيم الخاصة بتلك الفئة العمرية، لذا لو كان هناك اهتمام لكان لمنتخبنا شأن في كأس العرب الذي اكتفى بحافز ال750 ألف دولار و لحصد نقاطاً و حافزاً دولاري أكبر و سجل حضوراً مميزاً . ولكن ما علينا إلا أن نقول قدر الله و ما شاء فعل .

اضغط هنا للإنضمام لمجموعات رام نيوز على الواتس اب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى