ارتفاع الدولار فى السوق الاسود : هل هناك اسباب حقيقية؟
كتب : الخبير الاقتصادي بروفسير ابراهيم اونور
ظل سوق العملات الغير رسمي مشكلة يهدد الاستقرار الاقتصادى والسياسي فى السودان منذ أواخر سبعينات القرن الماضي حتى اصبح احد اهم الأسلحة التى ظلت تستخدم فى الصراع السياسي فى هذا البلد رغم تداعياتها الكارثية لكل مناحي الحياة خاصة معاش الناس. بالطبع هذا السلاح ظل مستخدم طيلة فترة حكم البشير الا فى فترات بسيطة ولكن بالأخص فى آخر خمس سنوات قبل سقوط حكومة البشير ، استخدم بقوة واستخدم معه سلاح آخر وهو تجفيف السيولة من البنوك بالإضافة لضخ البنوك بعملات مزورة لسحب الثقة منها، الأمر الذى أدى لتسارع وتيرة الازمةالاقتصادية التى أشعلت شرارة الثورة فى نهاية عام ٢٠١٨.
بعد ارتفاع الدولار خلال الشهرين الماضيين فى السوق الموازي الى ٥٥٠ جنيه للدولار، يوضح ان هناك ازمة مفتعلة وليست ذو صلة بأسباب حقيقية للطلب على الدولار فى السوق الموازي حيث بدأت حملة أحياء السوق الأسود للعملات الحرة بعد اشتداد الصراع السياسي بين المكون العسكري والمكون المدني متمثلا فى احزاب قوى الحرية والتغيير الحاكمة فى الفترة الماضية، لا اشك ان الارتفاع الأخير وبالوتيرة التى ظل يرتفع بها خلال الشهرين الماضيين هو ارتفاع مفتعل ولا يمت بصلة لأسباب حقيقية كما قلت ولكن فى النهاية سيدفع الشعب السودانى تداعيات هذا الصراع السياسي. و لا استبعد لجوء من يقف وراء ارتفاع الدولار الحالي الى نفس الوسائل السابقة والتى تتمثل فى خلق ازمة سيولة فى القطاع المصرفي وخلق وسائل لزعزعة الثقة فى الجهاز المصرفى السودانى كما حدث فى السابق. لاحتواء هذه المشكلة المطلوب من الحكومة تبني اجراءات اقتصادية تمتص التأثير السلبي للحملات المعادية لتاجيج الوضع الاقتصادى. مايقوم به السيد وزير المالية من زيادة مفرطة فى اسعار الكهرباء للأسف بمثابة صب مزيد من زيت على الأزمة الاقتصادية الراهنة باعتبار ان قراره الأخير لا يتلاءم وغير مواتي للظروف الإقتصادية الراهنة، كما ان بنك السودان مايزال ضعيف وغير قادر لاحتواء ارتفاع الدولار فى السوق الاسود، نتيجة لكل هذه الأسباب قد يستمر صعود الدولار فى الفترات القادمة مالم تتخذ اجراءات احترازية ملائمة.
الله المستعان.