كلب بوتين
أوتاد – أحمد الفكي
الكلب حيوان معروف للصغير و الكبير و لكن بمعنى أوسع كما جاء في لسان العرب لإبن منظور الكَلْبُ كُلُّ سَبُعٍ عَقُورٍ وفي الحديث أَمَا تخافُ أَن يأْكُلَكَ كَلْبُ اللّهِ.
ورد ذكر الكلب في القرآن الكريم ست مرات في ثلاث سور مرة واحدة في كل من سورة المائدة و الأعراف و أربعة مرات في سورة الكهف .
أصحاب الكهف تمثلت فيهم صحبة الأخيار لذا شملت كلبَهم بركتُهم، فأصابه ما أصابهم من النوم على تلك الحال. وهذا فائدة صحبة الأخيار؛ فإنه صار لهذا الكلب ذكر وخبر وشأن.
عُتيبة بن ابولهب بسبب سوء أخلاقه وكفره بالإسلام و بغضه للمصطفى صلوات ربي و سلامه عليه سلَّطَ الله عليه كلباً من كلابه و من ضمن ما جاء من أحداث في السيرة كان الرسول قد زوجه من ابنته أم كلثوم ثم طلقها بغضاً للرسول وبعد أن أمره أبوه بذلك ، ولما أراد عُتيبة الخروج إلى الشام مع أبيه قال: لآتينَّ محمداً وأوذينَّه فأتاه فقال يا محمد: إِني كافر بالنجم إِذا هوى، وبالذي دنا فتدلى، ثم بصق أمام النبي وطلَّق ابنته “أم كلثوم” فغضب النبي ودعا عليه وقال: (اللهم سلط عليه كلباً من كلابك). فخرج عُتيبة مع أصحابه في عيرٍ إلى الشام حتى إذا كانوا في طريقهم زأر أسد فجعلت فرائص عُتيبة ترعد فقالوا له: من أي شيء ترعد؟ فقال: إن محمداً دعا عليَّ وما ترد له دعوة. فلما ناموا أحاطوا به وجعلوه في وسطهم فجاء الأسد فشم رؤوسهم جميعاً حتى انتهى إلى عُتيبة فهشم رأسه هشمة فقضى عليه، فتحققت دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم .
الكلب وجد حظه في الحياة الأدبية بحكم تواجده مع الإنسان في مهمات الصيد و حراسة الماشية و كذلك الزرع، و المنازل .
وصف الإنسان بالكلب قد يحتمل المدح أو الذم ، مدحاً في الوفاء و ذماً في الدناءة و ذلك يكون حسب النبرة التي أطلقت منها كلمة كلب ، فكان المثل العربي الذي تواجد فيه الطباق بين التجويع و التسمين ، فتارة نجد جوِّع كلبك يتبعك ، و مرة سمِّن كلبك يتبعك .
عندما وصف الشاعر علي بن الجهم مادحاً الخليفة العباسي المتوكل بقوله : أنت كالكلب في حفاظك للود و كالتيس في قراع الخضوب .. إندهش الحضور الذي كان فى مجلس الخليفة. ولكن الخليفة لم يندهش لغلاظة اللفظ لأنه يعرف طبيعة البيئة التي جاء منها الشاعر البدوي على بن الجهم . و تبقى صفة الوفاء و الود ملازمة للكلب و ذلك ما وصفه به أمير الشعراء أحمد شوقي مناكفاً شاعر النيل حافظ إبراهيم في باب التورية عندما قال :
أودعت إنساناً و كلباً أمانة
فضيعها الإنسان و الكلب حافظ .
هواية تربية الكلاب تتوفر لدى كثير من الناس في كافة أنحاء العالم و بالمثل يوجد من لا يحبون تربيتها . في أمريكا و الدول الأوروبية يعتبرون الكلب أحد أفراد الأسرة و يجد من الدلال و الإعتناء الكثير لدرجة أن يِطلق في المثل من يحب كلبي فقد أحبني He who loves my dog loves me .
الفلم الإنجليزي هاتشي حكاية الكلب الماخوذ من القصة اليابانية يِجسد معنى الوفاء الذي يحمله الكلب .
لفت نظري كلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مقطع فيديو فحواه إستقبال الرئيس بوتين و بصحبه كلبه كبير الحجم الذي يشبه الأسد ممسكاً بالحبل الذي يُطوِّق رقبته ، لوفد من الصحفيين اليابانيين في منظر غريب الأطوار كاسراً بذلك عُرف البروتوكولات المعهودة ، حيث يِطلق الكلب صوتاً أقرب لزئير الأسد و بعيداً عن نباح الكلاب فيقوم الرئيس بوتين بإدخال يده في جيب الجاكيت مصحوباً بابتسامة و يُطعم الكلب في فمه ، يصمت لثواني ثم يُعاويد الزئير مجازاً ( أي النباح ) و تتكرر حالات إدخال اليد في الجيب و يُلقم الكلب الطعام في فمه. دون شك سيكون قليلاً من لِعاب الكلب قد علق و التصق بيد بوتين … و الوفد الياباني تمتلكه الدهشة و الضحك .
ما قام به الرئيس بوتين بملامسته لكلبه ووضع يده في فم الكلب إنه لفي غفلة وجهل عظيم لما يتعرض له من مخاطر صحية . و لو عرف وصية نبي الرحمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فيما قام به تجاه ذلك الكلب لما فعله .
* آخر الأوتاد :
قد أوصى نبي الإسلام الصادق المصدوق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، منذ أكثر من 1400 سنة بعدم ملامسة الكلاب ولعابها ، لأن الكلب يلحس فروه أو جلده عدة مرات في اليوم، الأمر الذي ينقل الجراثيم إلى الجلد والفم واللعاب فيصبح مؤذيًا للصحة.
كما أوصى في حال ملامسة لعاب الكلاب باليد أو بالأجسام، بغسلها سبع مرات، إحدها بالتراب أو الطين الذي اكتشف مؤخرًا أنه يقتل الديدان والطفيليات .
